فاصل زمنى غير محدد الزمن 8
قال صاحب الركب راجيا الشيخ :
ـ بالله عليك يا شيخنا
قص علينا كيف اهتديت إلى طريق الله
قال الشيخ :
ـ أما عن الهداية فهى من عند الله وحده , وأما عن أثر
الطريق قبلها فالولوج فى قصه قد يكون فتنة لغير أهل الإيمان , وإنها وإن كانت
ثقيلة على النفس شبهة أن أدلكم على طريق باب مردود لا يولج إلا من أصحاب اليقين
لعلم أو جهاد , إلا أنى أحسبكم من أهل الإيمان
ولا أزكى على الله أحدا
أكمل الشيخ قائلا :
ـ كانت بلادا لا أسميها تستنيخ لعقود لتحمل وزرها من
المعصية والفجور والرذيلة وولاية الشيطان , أهلها كسائر الناس أصناف وشعوب وقبائل
وشيع إلا أن فيها طائفة قليلة العدد ليس لهم عدة ولاعتاد ولاسلطان غير الصلاة
والتسبيح وولاية الله جل وعلى , استفاقت البلاد فى صبيحة يوم على تناقل خبر أن
طائفة الصالحين قد اشتمت رائحة الجنة حتى وصل خبرهم للفجار والكفرة والطغاة
وأولياء الشيطان والأشاوس والعامة , حتى تحزب لأمرهم شرار القوم وبغاتهم وأشدهم
على الرحمن عتيا واجتمع بهم أكبر ولاة إبليس من الأشاوس سائلين اربابهم من أصحاب
العهد التابعين :
ــ هل هم أنفسهم الرجال الذين اشتموا رائحة الجنة بالأمس
؟
أجاب أصحاب العهد :
ــ هم بأنفسهم
فقال الأشاوس بعد أن عزموا أمرهم :
ــ لا يُعَلَموا ولا يُتَعَلَم منهم , ويُحصَرُون حتى
يُنزَعُ منهم السر الإلهى , ليُطفَئ نور الله , ولنا فى ذلك عليكم انتزاع الأمانة
منهم , ولكم تملك الوسيلة لإنتزاعها , وعلينا لكم بيان سبل العهد , ولنا عليكم
سمعاً وطاعةً فى سلوك سبل العهد
سأل صاحب الركب مقاطعا الشيخ :
ــ وما الأمانة ؟!
أجاب الشيخ :
ــ هذا ما سأله أصحاب العهد للأشاوس ولم يملكوا لها علما
, أما الأمانة يا بنى فهى تلك التى نزلت فى جذر قلوب الرجال
سأل الصاحب الأول الشيخ :
وما الوسيلة التى سيملك أصحاب العهد لإنتزاع الأمانة ؟
أجاب الشيخ :
ـ المال والبنون والقوة والملك والعلو على الناس
ثم أضاف الشيخ قائلا :
ــ وقد أجاب أصحاب العهد الأشاوس بأن لهم السمع والطاعة
من قبل أن يعلموا سبل العهد .
فقال الأشاوس :
ــ أحسنتم .., وسبله كما جائت فى كتاب ( المغربين ) إلا
خمس لا يملكهن إنس أو جان ولا مؤمن أو كافر ولا برُ أو فاجر
ثم قال الشيخ وهو يزرف الدموع :
ـ ولتعلموا قبل أى أمر لب قيله ـ ( قوم لا يؤمنون ) ـ ذلك
أنهم لن يملكوا الأمانة التى أودعت القلوب والتى دلالتها :
( رؤيا كفلق الصبح ) ........ ونزعها كمُغَيرِبانات
الشمس جزءاً جزءاً بالتغريب عنها أو الإشراك فيها بالمُغَرِبين
فيجب عليكم أولا أن تقسموا على ألا تخبروا أحدا بما
تسمعوه منى ذلك أنه يحكى فى القصص القديم أن سلحفاة عاهدت عقرب أن توصلها للناحية
الأخرى من النهر فوق ظهرها شريطة ألا تلدغها إلا أن الطبع قد غلب العقرب فلدغت
السلحفاة فى رأسها عقب وصولها للبر الآخر ومن وقتها لا تحمل السلاحف العقارب لعبور
النهر .
قال صاحب الركب :
ـ نقسم ألا نخبر أحدا بما نسمع منك فى هذا الأمر
قال الصاحب الأول :
ـ نقسم ألا نخبر أحدا بما نسمع منك فى هذا الأمر
قال الصاحب الثانى :
ـ نقسم ألا نخبر أحدا بما نسمع منك فى هذا الأمر
قال الشيخ وهو يقوم من مجلسه :
ـ والله على ما نقول شهيد , فلتذهبوا لقيام الليل فأنا
أريد الخلوة , ولنلتق غدا بإذن الله