Pages

Monday, August 1, 2011

............


ثم غلبنى النوم
كنت قد رأيت فيما يرى النائم اننى أهرب من قصر كبير رفقة( فتاة /امرأة) ما ترتدى فستانا ليس بالقصير وليس بالطويل ولم يكن لوجهها أى معالم ـ أو لم أرى له معالم ـ الا أنها كانت خفيفة الروح ثم أننا( أنا وهى) أنطلقنا فى الشارع بخطوات متقافزة الى أن وصلنا لبستان به ورود ورياحين كثيرة فأخذت أقطف من كل نوع وردة أو زهرة حتى تجمع فى يدى باقة من الورود ثم خرجت من البستان رفقة الفتاة وطفقنا نمشى فى الشارع الطويل الى أن وصلنا الى منزل ما أواذا تحريت الصدق قاعة مستطيلة الشكل ليس لها أبواب الا باب للدخول وفى مقدمتها وسائد ونمارق على الطراز الاسلامى والتى تعد لجلسات الامراء والكبراء وفى منتصفها حمام أوبركة من الماء الراكد وكانت رائحة الهواء بها مكتومة . ثم سمعت (أنا والفتاة) صوتا لخرير ماء قريب ـ لاـ بل كان صوتا لجريان ماء النيل وكنت أبحث أنا وهى عن مصدر ذلك الصوت أوعن باب أونافذة أو ممر يوصلنا الى ذلك النهر ويبدو أننى لم أجد ويبدو أيضا أننى مازلت عالقا فى هذه الغرفة مع الماء الراكد والهواء الراكد والوحدة ـ وكأنها دنياى التى أحياها ـ دون أن أرى ماء النيل الذى يجرى رغم أننى مستمع الى صوت جريانه
ويبدو أن طريق الدخول الى هذه القاعة قد أضحى صحراء قاحلة محرقة لانهاية لها فلم يكن أمامى سوى الانتظار
وجلست أنتظر ...
وأنتظر...
وأنتظر..
ثم رأيت على امتداد البصر غبار كثيف وكأن ركبا أوقافلة تقطع الصحراء عدوا , فأخذت أدقق النظر والركب يتقدم ويتقدم ببطء
حتى أن اتضحت معالمة فاذا هو تسع فرسان يمتطون الأحصنة البيضاء ويلبسون القمصان البيضاء ومن الأسفل سراويل بيضاء أيضا تصل الى ماقبل الكعب بشبرا أو يزيد وكان عاشرهم شيخ كبير ظاهرة عليه علامات الورع ويركب فوق ناقة بيضاء .
ثم توقف الركب قبل أن يصل لموضع قدمي هاتين بعشرة أمتار و ما أن توقف الركب حتى تقدم أحد الفرسان التسع وترجل عن فرسه وأناخ الناقة للشيخ الكبير الذى ما أن هبط من على ظهر الناقة حتى تقدم نحوى بهدوء وحب وبوجه مشرق فاتحا ذراعيه وهو ينادى على قائلا :
_لقد تأخرت
أدركت حينها أن قلبى قد أصبح زاهد أو زائد عنى . كنت أريد أن أرتمى بين ذراعيه وأجهش باكيا كنت أريد أن أبكى وأبكى وأبكى و....
يبدو أننى كنت أحتاج الى الراحة الى شيئا من الانسانية المصفاة
الى ورع منزه ورسالة أسمى الا أننى بادرته سائلا:
_ومن أنت..؟!
أجاب بهدوء وثقه وهو يثبت عينيه على وجهى :
_أنا يقينك...فلا تخف
وأشار بيده الى الفرسان الواقفين خلفه قائلا:
_أنظر ... هولاء أشقائك لقد اشتاقوا اليك كما اشتقت أنت اليهم انهم يحبونك فلا تخف وأقبل
ثم تقدم أحدهم وكان به شبه كبير بى أو أنه لشدة الشبه كأننى قد رأيته من قبل وقال لى:
_تعال يا شقيقى
فسألته :
_ومن أنت ؟!............كأننى رأيتك من قبل
قال:
أنا طلحة وقد سبقتك الى السماء فلا تتأخر على وعلى أخوانك
قلت :
_وهل سأصعد الى السماء وأنا لم أمت ولازلت سائرا على الأرض ؟!
فسكت........................
ثم قال الشيخ الكبير :
_لاتتأخر علينا ... سننتظرك ...لاتتأخر
وشرعوا فى أمتطاء دوابهم وهموا بالمسير ومازال صوت الشيخ الكبير يتردد فى أذنى وهو يبتعد
_لا تتأخر...لاتتأخر...........لا تتأ......
ثم استفقت
استفقت على صوت المؤذن والأذان (كان العشاء) وكان كل شئ يدعو للحزن 
استفقت .. ورأيت أول ما رأيت أبى مصابا بضربة فأس أجنبية شجت له روحه قسمين .. تاركا أمى وهى تكتم حزنا مقيما .. وتشكوا الى الله , أمى تلك الفطرة الربانية الخلق والتى لم تع فى هذه الأرض سوانا أخوتى وأبى وأنا ,أمى ـ جنة تمشى على قدمين ـ رأت أكثر مما ينبغى أن تراه
.. على اخوتى يكبرون ويكبرون ألف عام فى دقائق...
استفقت.. على الوطن فى عفن تقيحاته وتشوهه الأزلى, على الخوف سائرا على كرسى المقعدين لابسا نظارة الكفيف ناظرا الى أبناء الوطن فى احتقار كامل طالبا رصاصة الرحمة/ الموت من أموات لا يجيبوا .
..على أبو إبراهيم وهو ينزع ملابسه قطعة قطعة أمامنا ليرينا الفرق بين الأوسمة الناشئة عن الشظايا ورصاص الحرب ـ وهى تجلس رافعة الرأس ـ وآثار السجائر المطفأة والسياط جنبا بجنب على نفس الظهر.
على الخيول القديمة تسقط واحدا تلو آخر قهرا وكمدا وحزنا تاركة لنا نحن ال .... شاهد قبر ,وإن أمكن قصيدة منسية تدفئنا فى ليالى الشتاء الباردة , كلمات نرددها فى بلاهه حين يستبد بنا اليأس وينخر فى عظامنا دود الوهن .
إستفقت على الإيمان يعلو ويعلو بداخلى ..على روحى وهى تحلق بين الأشهاد ..إنها تنذر وتبشر .. تبكى وتضحك .. وتعرف أنها لا تملك إلا بصيرة المؤمن , لقد رأيت .. أقسم أننى رأيت رجالا أصغر منى , رجالا أكبر من ذلك جلست معهم وتحدثنا تآلفت قلوبنا
آآآآآآآههه....
كم يحبنا الله ويصبر على آثامنا .. إنى لأؤمن أن الله قد خط لنا أقدارنا وأرزاقنا ومصائرنا ورفعت بأمره الأقلام وجفت الصحائف وترك لنا أن نختار أى الطرق سنسلك فى تحقيقنا لتلك المصائر طريق الخير أم طريق الشر وهذا ما سنحاسب عليه نية وعملا ـ إننا سننفذ إرادة الله شئنا أم أبينا ـ فلماذا إذن كل هذا الجدل وكل هذه الآثام والقيح والصديد , لماذا كل هذا الخوف , إننا سائرون لموتنا مهما توقفنا عن المسير ومهما حاولنا الرجوع للخلف.
**** ****
الله اكبر....الله اكبر
الله اكبر.... الله اكبر
أشهد أن لا الاه الا الله
..................................
أقام المؤذن للصلاة.. صلينا .. صلت الرعية , وكان الإمام يبكى وهو يقرأ القرآن . كان يبكى خاشعا من خشية الله لكنهم وضعوا نظاراتهم الشمسية السوداء فوق قلوبهم قبل الصلاة ليمجدوا العماء..
قديما كان يبكى الرعية ..حينما كانت هنالك رعية.. حينما كان راعى الرب هو من يحمى الشاة من بين أنياب الذئاب ..
أستطيع القول الآن أن الأدوار قد تبدلت الذئب شاة والذئب راعى والشاة ذئب وراعى والراعى هو الشاة .
شتاء 2010