Pages

Tuesday, October 28, 2014

قبل أن يصل الأسير ( رواية ) / أسيرالخطايا .. مقطع



كان أكثر المشاهد انطباعا بذاكرتى منذ ذلك الحين هو مشهد حيرة القاتل حين أشهر مسدسه فى وجه الرضيع منتظراً ليرى ردة فعله .. كنتَ قد حكيت لى أن امرأة تشبهها قد جائتك فى آخر الحلم وقالت لك ( اسأل تارا ) , كنتَ لا تعلم تأويل ذلك الحلم , لكنى تذكرت اسم (تارا) حال نطقك به .
حين عاد (تارا) مرة أخرى كان يشهر مسدسه لرضيع فى المهد كى يرى ماذا سيفعل ذلك الرضيع , هل يملك من نفسه شيئاً ليدفع الأذى عن نفسه ؟!
كان لديه يقين تام بأنه قاتل وأنكَ برئٌ براءة الذئب من دم بن يعقوب وأن الرضيع لا يملك حتى أن يدفع عن نفسه أذى الشيطان ولكنه كان يسأل نفسه من منكما الطفل ومن البرئ , حين جئ بكَ إليه منذ أكثر من عشرين عام قلتَ فى براءة :
ـ  رايحين فين يا عمو
قال لكَ :
ـ زيارة
وزعق بأعلى صوته حال وصوله :
ـ يا تارا ..
فنظر إليه (تارا) بهدوء ثم قال له : ( امش خلاص )
فأخذَكَ من يدَك وعاد بكَ الى المنزل .
أنت لا تعلم شيئاً مما سبق , ولن تعلم شئ , وحتى لو عرفت فأنا على يقين أنك ستصمت وتقرر راضياً أن تخسر أكثر من عشرين عاماً من الذكريات التى وإن سعدت بها أوقاتاً فستندم عليها بقية عمرك إن قُدِرت لك الحياة .
كان القدر عِندَكَ ايماناً مجرداً منزوعاً من نيات العباد حتى وإن علموا به يقيناً وتوجهت نياتهم أو اراداتهم لفعله أو لمنعه ـ ولن يملكوا منعه ـ وكان (تارا) يحاول اعمال عقله فى أمر قد قدر من قبل , كان سؤاله الملح داخل عقله هو : من الأحق بالنصر ؟!
كان فى المرعى تسع وتسعون نعجة وكان القاتل فى حيرة من أمره , ولم يكن الخصمان إخوة , ولن يحكم القاتل بعد أن تزول حيرته بالعدل , لأنه لم يكفل نعجة عدوه .
سرحت قليلاً فى سيناريوهات الإفساد فى الأفلام العربية حين يحاولون إفساد البطل/الأسير , البطلة/الأسيرة  , ليستخدموه أو يستخدمونها فى الربح ـ أى ربح ـ تسول , دعارة , انتقام , تجارة فى الأعضاء البشريه , غواية أحد الصالحين , ..... إلخ
كل قرارات الإفسادَ قرارت حتمية للمفسدين , والأخطر فى إعتقادى هو قرار ( افساد عقيدة النشأ  ) فالقرار فى اعتقاد المستفيد ـ فى ذلك الوقت ـ أمر جوهرى بغض النظر عن الوسائل التى ستتبع فى تحقيق ذلك الأمر .
المعنى ببساطة أكبر ـ وما أحاول قوله لا يهون صعباً أو يحلل مأثماً ـ يشبه قصة حى بن يقظان حين يدرك كل شئ بنفسه دون مساعدة من أحد حتى لو حاولت الحيوانات مساعدته فلن ترقى تلك المساعدة للمستوى البشرى , حينها لن يدرك الإنسان معنى المشاعر البشريه دون زيف أو تضليل حتى يقابل بشرياً مثله , الأمر هنا أكبر من الأيديولوجيا أو الإدراك البشرى حين يقول  رب العزة :
( ونفس وما سواها / فألهمها فجورها وتقواها / قد أفلح من زكاها / وقد خاب من دساها )
   فحنان الأم يختلف تماماً عن حنان الظبية وإن أرضع كلاهما طفل صغير , فلو قلت لك مثلاً أن الحيوانات قد قرروا تزويج حي بن يقظان من أحد الحيوانات كبقرة أو حمارة  , هل من الممكن أن يقبل شخص يعيش بين البشر بهذا الأمر ؟!
ولو حدث ومر الوقت وقابل بشرا ما الذى سيحدث بينهما وكيف له أن يتخلص من كل ذلك الموروث .؟!
كالذى يعيش فى مجتمع يدفع فيه إلى الإباحيه والخمور والمخدر والشذوذ دون أن يكون فيه رجل واحد يبين لهم الحق من الضلال ترى هل إذا ظهر ذلك الشخص فجأة هل من الممكن أن يتغلب المجتمع على ما تطبع عليه وما تعود عليه .؟!
وإن لم يظهر ذلك الشخص أبداً هل يحاسب هؤلاء ؟!
 وترى أيهما أقرب درجة عند الله شخص عاش كحى بن يقظان أم أحد رجال الدين فى أى ديانة على ظهر الأرض ؟!
 ألا يُترك منفذاً ليدخل منه الإيمان أو التقوى , كانت تلك هى معضلة استيعاب الجميع للأمر كل من منظوره الخاص والعام أيضاً , تلك المعضلة التى تتعارض مع فهم الطفولة للمعانى وتفسيرات الأشياء , هى ذاتها من أدرك البعض بسببها مقدار الخسارة بعد أن كان وقت الإصلاح قد انتهى 


Sunday, October 26, 2014

قبل أن يصل الأسير ( رواية )

               الفصل الرابع
                   ندوة ريم



أنطلقنا أنا وزياد بسيارتى تجاه مطار القاهرة .. كانت السماء قد أمرت أن تغسل شوارع القاهرة بشئ من الرزاز الخفيف .. كدموع الأمهات الأرامل حين يودعن أبنائهن المتجهين للحرب .. مطر حار وهادئ وحنون .. ترى هل الأرض ستغتسل من رجسها يا زياد ؟
هل سيغسل لنا الله ما علق فى قلوبنا ــ بفعل السنين ــ من أدران الحياة ؟
أرانا كبرنا ولم نعد قادرين على جرأة الأطفال بالجرى تحت المطر .. فرحنا صار يرتدى ثوبا من الوقار والقشابة فخفنا أن نلهو قليلا  تحت قطرات من الماء حتى لا يبتل ذلك الثوب فى أعين الناس .. قلت لزياد مستفهما ومتأملا :
ــ هل كبرنا يا زياد .. هل نضبت المياه ف مشاعرنا مع الوقت فصرنا أخشابا جافة لا تصلح الا لتدفئة النساء فى ليال الشتاء الباردة ؟
أجابنى كأنما كان يقرأ أفكارى قائلا :
ــ أوقف السيارة يا محمد .. أشتاق لأن أمشى قليلا تحت المطر .
رغم فرحتى الكبيرة حاولت أن أضفى شيئا من الوقار والرزانة على كلامى فقلت :
ــ الا ترى أننا كبرنا بعض الشئ على ذلك يا زياد .. ثم أننا قد نتأخر على موعد الطائرة .
أجاب مداعبا :
ــ أنت وحدك من كبر يا رجل .. ومازال الوقت مبكرا على موعد الطائرة
قلت وأنا أضحك :
ــ حسنا أنت من طلب ذلك
ركنت السيارة على جانب الطريق ونزلنا منها وكنت أحس بنوع من ألاحراج اذ أن المارة فى الشارع يستترون من المطر ونحن نمشى مبتسمين دون الخوف على ملابسنا
قال زياد :
أحس الآن أننى عدت طفلا صغيرا وأمه تحاول أن تمنعه من الابتلال بماء المطر وهو يحاول التملص منها
ثم فجأة ترك زياد يدى وبسطهما كمن يحضن الهواء وهو يصرخ بأعلى الصوت :
ــ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ
وأخذ يجرى فى الشارع حاولت اللحاق به ولكنى اكتشفت اثر الزمن حين يرسم الحدود لجسدى العجوز فوقفت مكانى حتى انتهى زياد من نوبة الصراخ والجرى وعاد الى ... ثم عدنا للسيارة لا نكاد نلتقط أنفاسنا من كثرة الضحك لم أستطع القيادة بهذا الشكل فتركت المقود لزياد حتى اقتربنا من مدخل المطار فأخذت مكانه ثم دخلنا الى صالة الهبوط .. كانت الطائرة على وشك الهبوط يتبقى لها ربع الساعة .. كان زياد واقفا بجانبى وأنا جالس ينظر من خلال الزجاج كطفل صغير ينتظر أمه التى تأخرت عليه .. وقتها أحسست أن لى ولدا لم يغيب عنى .. كان فى مثل سن ولدى وكنت أعتبره كولدى ..
آآآآيه يا زياد .. ترى هل كل هذا الشوق الذى كان مخبئا كان لريم أم لشادى ..؟
ترى هل كنت بالفعل تحب ريم ؟ .. أم أن الظروف هى التى حكمت عليك بهذا الزواج ..؟ أنت مسلم وهى مسيحية كاثوليكيه كيف استطعتما أن تعيشا فى بداية الأمر .. أنا أعرف أنها كانت تحبك .. رجل فى مثل ظروفك فى ذلك الوقت ما كانت ترضى به امرأة عاقلة .. وفى خضم حرب شعواء تقدم لك صحكا للنجاة وتقف وحيدة ضد الجميع قائلة أنا من سيتصدى لمن يؤذيك .. وفى بلد غريب عنكما .. أينعم .. ليس للحرب قواعد ولكنها خلقت قاعدة تقول بكل وضوح .. نعم تزوجته ويا قومى أذا أصاب زوجى أى مكروه فسوف تكسبون عدوا جديدا أشرس ما يكون .. سأسبكم وألعنكم ما حييت وبكل ما أوتيت من قوة .. هى امرأة استثنائية يا زياد بفعلها قلبت الأمور من مراسل مصور مهدد بالقتل ومن معه الى رجل تفتح له كل الأبواب المغلقة من الجميع .. لو أنها كانت كاذبة لكنت الآن فى عداد الأموات أنت ومن كان معك .. هى أمرأة استثنائية يا زياد مثقفة وجميلة وصحفية وأديبة وذات ود مع الجميع .. لكنها لم تسلم .. لبيروت أن تفخر .. ولجبال الأرز أن تطلق زغرودة يسمعها القتلة والسفاحين ووائدى الحلم فى أعين البسطاء .. كان حبا ولد تحت صوت القصف  ووسط دوى القنابل .. فأزال شيئا ــ حتى لو كان قليلا ــ من ظلم الانسان لأخيه ... كنتما تقولا فى وسط القتل نحن بشر وكلانا لاينتمى لمعسكر القتلة والجلادين .. لا دين يرضى بهذا القتل .. لا دين يرضى ..
فتحت الأبواب فقط خوفا من قوة الحب وقوة الايمان .. فخاف الجلادين من احتضان ايديكما عند وصولكما لمواقع الجلد فكانوا يخفون سياطهم ويحاولون أن يكونوا أكثر انسانية .. خوفا من ايمانكما بالعدل والرحمة والاخاء الذى ربطكما برباط مقدس مكلل بالحب .
ــ هبطت الطائرة يا محمد
هتف بها زياد بفرح أدى الى أن جعل كل من فى القاعة ينظر الينا فأجبته بهدوء:
ــ اهدأ يا زياد الناس تنظر الينا .
وسط فرحته وشوقه لم يعر لعبارتى الأخيرة أى اهتمام فجلست مكانى أنظر من خلال الزجاج هبوط الطائرة وربطها بسلم الهبوط .. كان المسافرون يهبطون على السلم وكنا ننظر اليهم كمن ينتظرون أن يعلن أسمائهم للفوز بجائزة نوبل أو بوليترز أو البابطين ..ثم ظهرت ريم .. أمرأة ثلاثينية الجسد .. خمسينية الفكر .. عشرينية المشاعر .. ذات الخمس سنوات كبراءة شادى ابنها .. أقول .. هى سيدة كل وقت .. وأى وقت .. تعرف كيف تكون (هى ألانثى ) التى يشتهيها الرجال ولا ينالوها الا اذا ابتغت هى ذلك .. هى امرأة .. هى امرأة تعرف كيف تحتوى وقتها وليس الوقت هو ما يحتويها .. امرأة ــ ان أرادت ــ تكون لك كما تحب أنت أن تراها .. فتارة تجدها احدى سيدات البلاط الفرنسى بأناقتهن المعروفة قبل عهد الثورة الفرنسية .. وأخرى كفتاة فى عصر الحداثة الأمريكية بتحررها وزيها الجينز وايقاع موسيقاها المتسارع .. أو اذا تحتم الأمر تجدها كجندى حليق الرأس بملابس رجولية كاملة حال ذهابه لمهمة انتحارية فى أرض العدو لكنى تنقذك من براثنه .. فى كثير من الأحيان يخيل الى أن ورائها كتيبة من الجنود تدبر لها أحوالها وملبسها وحتى طريقة حديثها .. لم أر امرأة متجددة على هذا النحو من قبل .. أستطيع أن أقول هى أنثى استثنائية على جميع المستويات .
كانت تهبط من الطائرة ترتدى بالطو بنى طويل لا يظهر ما تحته ووضعت فوق رأسها قبعة كاكية اللون .. وكان شادى ممسكا بيدها اليسرى وفى يدها اليمنى مظلة سوداء تحميها من هطول المطر الذى أشتدت قوته مع وصولنا للمطار .. انتظرنا بنفاذ صبر وصولها لقاعة الوصول عقب انهاء الأوراق .. ثم وصلت القاعة وكانت تنظر حولها مدققه فى الناس بحثا عن زياد .. وكان طبيعيا أن يهتف زياد بأعلى صوته وهو متجها اليها والى شادى جريا :
ــ ريم .. شادى .
كان شادى هو من أجاب النداء هاتفا : بابا ... ثم أسرع جريا اليه
تبادلنا جميعا القبلات والأحضان الدافئة التى استمرت وقتا غير قصير وبعد ذلك أخذت شادى وأحد العمال فى المطار لاحضار الحقائب وتركت زياد وريم وحدهما ذلك الوقت القصير ..
مع توقف المطر عن الهطول .. وبعد أن اغتسلت قلوب الجميع وصارت أرواحنا تحلق مع شادى وعالمه الخالى من الهموم .. استقللنا السيارة نحن الأربعة ونحن نغنى أغنية ( أنا وشادى ) للسيدة فيروز ..مداعبة لشادى .. حاولت مرارا أن اثنى زياد وريم عن فكرة الاقامة بالفندق والاقامة بمنزلى الأيام القادمة لكن ريم كانت مصرة أن تبقى وزياد وشادى فى الفندق قائلة لى بحب وحزن خفى :
ــ يجب أن أشبع منه فى الأيام القادمة .. لو ذهبنا عندك فسوف تتحدثان معا وتتركانى أحدث الحيطان وحدى .. لن أتركه لك ولو بكنوز الأرض يا محمد فلتنسى هذا الأمر نهائيا .
استسلمت أخيرا تحت اصرار ريم للأمر على امتعاض من حرمانى حقى فى زياد وشادى وأوصلتهما للفندق منبها عليهما أنى سأمر عليهما غدا عند الظهيرة ونتناول وجبة الغداء معا ثم ذهبت لمنزلى .
فى المساء هاتفت حسام فياض بصفته مسئولا عن الندوة القادمة التى ستقام فى مكتبة الاسكندرية بعد غد طالبا منه أن يرى هل من الممكن اضافة اسمى (ريم حنا بطرس و زياد علام ) للمدعوين المحاضرين بصورة رسمية , فأجابنى بأنه سيسأل عن الأمر ويرد على فى صباح الغد .
لم أكن أتوقع أن يأتى حسام بموافقة على مشاركتهما كمحاضرين بالندوة
فى هذا الوقت القصير لكنى فضلت استغلال أى فرصة متاحة لى فى هذا الأمر خاصة وأنى كنت فى اشتياق لسماعهما يلقيان الشعر ويحاضران أمام الجمهور منذ زمن بعيد , مرتديا حلة مريحة من صفاء النية والحب ذهبت الى السرير كى أنام بهدوء وراحة كطفل صغير ظهرت نتيجة امتحانه فى نهاية العام وكتب له التفوق على أقرانه منتظرا غدا جديدا من الحب والشوق والمرح مع ريم وشادى وزياد .
فى الصباح استيقظت عند دقات العاشرة وصليت وانطلقت الى الفندق الذى يقيم فيه زياد .. هاتفنى حسام فى طريقى الى هناك وأخبرنى أنه حصل على موافقة على أن يكون زياد وريم من المحاضرين فى الندوة اندهشت من الأمر واعتقدت شيئا من أمرين أما أن يكون حسام قد صار من القلائل الذين تفتح لهم الأبواب المغلقة حال طلبهم ذلك أو أن زياد وريم أصبحا من غير المغضوب عليهم داخل الوطن .. لكنى لم أدقق فى الأمر كثيرا لطغيان فرحتى على أى أمر آخر .
ذهبت لزياد وريم وجلست معهما تغدينا واسترجعنا الأيام الخوالى والعمر ولعبت مع شادى ثم حان موعد مغادرتى حتى أتركهما ليستريحا وأعود للمنزل وقبل أن أرحل وكديك رومى منفوش أو كطاووس يتباهى بجمال ألوانه التى لا دخل له فيها قلت لهما عن الندوة وأننى سأحزن كثيرا ان تكاسلا عن ذلك الأمر .. كان زياد مرحبا خاصة وأنه لم ير الاسكندرية منذ زمن ولم ير البحر ولم يتنفس رائحته العتيقة الا أن ريم كانت خائفة بعض الشئ وقالت لى :
ــ أليس بغريب أن نذهب لندوة بهذه السرعة يا محمد .. والحالة العامة فى مصر تخيفنى .. لماذا لا تؤجلها الى وقت آخر حتى نعد أنفسنا وتعدوا ترتيباتكم وتستقر الأحوال ؟
قلت كمن طعن فى كرامته وبفخر وعزة واباء :
ــ عيب عليكى يا ريم مصر تكرم أبنائها ولن يتعرض أحد لشئ سئ .. ثم الى أين نحن ذاهبين .. انها الاسكندرية .. خطوة للقطار .. ثم باصنا الخاص من المحطة الى المكتبة .. ثم جلسة بسيطة على البحر .. ثم الى المحطة تارة أخرى .. ثم هل تريدون أن تقللوا من شأنى بعد أن اتفقت على الندوة .. أنا لست صغيرا ياريم .. وان كان على سلامتكم ففدائكم ألف ندوة .. أحضر لكم غيرها فى أى وقت .. حالما تأمران .. بالله عليك ياريم لا تخيفنا وتثبطى عزيمتنا .. انها سنوات طوال لم نحضر فيها ندوة ولم ير فيها زياد الأسكندرية .. الا تريدين أن ترى بحر الأسكندرية ؟!
ردت ريم باستسلام :
ــ بلى أريد أن أراه , أفعلا ما تحبان , ولتكن مشيئة الرب
قلت فرحا :
ــ فتح الله عليكى يا ريم لتكن مشيئة الله .. 
قلت وأنا متجها للباب سأمر عليكما غدا فى التاسعة لتكونا جاهزان سنذهب لمحطة القطار .. قطار العاشرة والنصف لا تتأخرا .. وناما جيدا .. ألقاكما غدا على خير .
أغلقت الباب ورائى وتركتهما مع شادى متجها لمنزلى وأنا مغتبط ليوم غد .


                        ****************
                فاصل زمنى غير محدد الزمن
سلم الشيخ عن يمينه وشماله وسلم من وراءه الركب ثم بعد برهة من الزمن قال :
ــ سأسئلكم عن مسألة فأجيبونى بعلم ان كنتم صادقين
قال صاحب الركب :
ــ والله ما كنا بكاتمى عنك جوابا فسل ما تشاء
قال الشيخ :
ــ دخلتم مصرا من الأمصار فكان أميره يضع فى أهل كل قبيلة رجل من أعوانه يتسمى باسم سلف من أسلاف تلك القبيلة ويحيى بين أهلها ويحكم فى امورها ويرقبهم فى الحل والارتحال والحال والمآل والولاء والبراء ومئآرب أخرى ثم اتهمتم بجرم سرقة وأنتم فى رحلكم فجئ بكم الى من ولاه أمير المصر تلك القبيلة ليحكم فيكم  .. فحكم فيكم بقطع يد السارق .. فما حالكم من الامتثال للحكم أو رده ؟
وما حكم الله فى ذلك الأمر ؟
قال صاحب الركب :
حكم بما أنزل الله .. ونمتثل لأمره
قال الصاحب الأول :
حكم بأمر الله .. ونمتثل لأمره
قال الصاحب الثانى :
حكم بأمر الله .. ونمتثل لأمره
قال الشيخ وهو يقوم من مقامه داخلا الخباء :
أما ربى فما كان ليرضى بذلك الأمر .. اخلصوا فى القرب من الله فعسى أن يهديكم الله الى الصواب .. واصبروا


                 *******************

               

Thursday, October 23, 2014

يحكى أن

(1) -العصر الحجرى الأول

سحرة الفراعنة يصنعون بديلا عن أى شئ بصورة قانونية ، أوراق بديلة ، شهادات بديلة ، كتاب بدلاء ، قضاة ، محامون ، تاريخ بديل ،..... إلخ
حين شعر الفراعنة بالملل أمروا السحرة بصناعة شعب بديل لكى يثور على الشعب الأصلى .

(2) - العصر الحجرى الثانى

عقابا للشعب على كثرة الشكوى ، قام الفراعنة بوضع التماثيل التى صنعها الشعب بأياديه على كراسى الحكم ، ونزل الفراعنة بين الناس ليرتكبوا الجرائم بأيديهم، ثم طالبوا الشعب أن يثور على التماثيل التى أصيبت بالصمم.

(3) - قانون تعدد آلهة

السبب فى إباحة الفراعنة تعدد الآلهة أن ذلك الأمر هو العذر الوحيد لقيام الإقتتال الداخلى دفاعا عن الآلهة.

(4) - نص فرعونى قديم منسى

كا مو سا رع تى لا  اون  آمون سا

(5) - توت عنخ آمون

الكاهن : كل أصدقائك يا توت منتظرينك بالأسفل لتلعب معهم
توت : كاذبون أنا اعرفهم جيدا ، هم فقط يريدون أن أعطيهم من السندوتشات والحلوى الخاصة بى

(6) - العصر الحديث
يحكى أن بنى اسرائيل تريد أن تنتقم من فرعون وجنوده بعد أن غرقوا فى البحر منذ عهد موسى عليه السلام .

Monday, October 20, 2014

الظل

تحالف 

ظله القديم جلس مع ظله الجديد جلسة طويلة كى يحكى له تاريخ حياته القديمة .

اتفاق

إتفق الظل مع الجسد على أن يتبادلوا الأدوار فيزحف الجسد على الأرض ويمشى الظل منتصبا خشية أن تقع السماء على رأس الجسد

طبوغرافيا الظل

اتفقوا على قياس حجم ظله على المبانى وفى الشارع وفى المنزل وفى المسجد وبين الأصدقاء وبين الأعداء وفى كل وقت وحين , ولكنهم حين وجدوه يمشى على الماء عجزوا عن قياس حجم ظله ذلك أن ظله عجز أن يتبعه

ظل الظل

حين أراد الظل أن يكون له ظل ذهب إلى أقرب جسد وطلب منه أن يكون ظلا له

مدينة الظلال

حين أرادت الظلال أن تكون مدينة لها وتنفصل عن الأجساد أدركت أنها لا تستطيع فعل أى شئ بدون جسد واحد على الأقل فقررت العودة لعملها القديم فى ملاصقة الأجساد .

مجرد وقت

حين أدركت الأجساد أن ظلالها ليس منها أى فائدة إلا تحديد الوقت
قررت تحطيم كل ساعات المدينة 

Saturday, October 18, 2014

آلة الزمن وقصص أخرى

ـ آلة الزمن


الرجل الذى يحاول صناعة آلة الزمن أعطى لكل من يعرفهم مواعيد فى الماضى , وضبط عقارب الساعة لتمشى فى الإتجاه المعاكس ... ولكنه اكتشف بعد سنوات أن الشيب بدأ يزحف إلى شعر رأسه .

                                **********
الإنتقام بالقمامة 

كل مساء يقرر ضرب عصفورين بحجر واحد , فيقوم بإلقاء القمامة ونثرها أمام مبنى مجلس المدينة وخارج سلة المهملات وذلك لكى ينتقم من موظفى مجلس المدينة وعمال النظافة الذين لا يكنسون الشوارع ولكنهم كل صباح يقومون بتنظيف القمامة من أمام مبنى مجلس المدينة فقط .

                              ***********

إمارة

سألهم متعجبا :
لماذا لا تؤمرونى عليكم 
أجاب الجميع :
لأنك سوف تحكم فينا بالعدل .

                           ************

صانعوا المفاتيح 

كل أبواب المدينة تفتح بمفتاح واحد 
لأن صانعى المفاتيح قرروا ألا يصنعون إلا نسخة واحدة ومكررة من نفس الباب .

                        ************

Thursday, October 16, 2014

تواطؤ سياسى / هويه

ـ تواطؤ سياسى


حلف للجميع أنه رجل لا يفهم فى السياسة ولا يمارسها وأن الجميع متواطئ لإقحامه فى السياسة
وحين فشلت جميع محاولات الإقناع حاول الحصول على اللجوء السياسى من أحد الدول

لكن كل الدول رفضت إعطائه حق اللجوء السياسى بحجة أنه أخطر سياسى .


                       **************


ـ هوية


المواليد الجدد يرفضون استخراج شهادات ميلاد إلا بعد أخذ صوراً تذكارية مع القائد واختيار اسمائهم الجديدة .

والموتى الجدد يرفضون استخراج شهادات وفاة إلا بعد أخذ صوراً تذكارية واختيار أسمائهم الجديدة , ذلك أن الأسماء المعروضة عليهم سيئة .

Tuesday, October 14, 2014

شجرة

ـ شجرة 1

حين تأمل غرس الشيطان وجد أن بذرة الكذب قد صارت شجرة كبيرة من الفجور متعددة الفروع والأغصان وليس لها ظل أو ثمار وهو مدفون تحت جذورها كى تمتص من دمائه قطرة قطرة حتى تكبر أكثر وأكثر

                        *************

ـ شجرة 2

حين تأمل غرس نفسه التى زكاها وجد أن النواة التى فلقها الله قد صارت شجرة من الصدق وارفة الأغصان ودانية الظلال ومذللة القطوف وهو نائم فى ظلها يستنشق من العبير ويأكل هو ورفقته من الثمار حتى يكبر أكثر وأكثر

                         *************

ـ شجرة 3

الشجرة قالت للوتد :
ـ حرام عليك .. أوجعتنى
قال الوتد للشجرة :
ــ عذراً ولكن الطرق فوق رأسى شديد .


                     **************

Sunday, October 12, 2014

فراو بلوندى


الزعيم لا يحب الكلاب , وكان الجميع متعجباً من إطلاقه لإسم " بلوندى" على حراسه الشخصيين , وكانوا يضحكون حين يصيح الزعيم فى أحد الحراس " بلوندى" عندما ينادى عليه على طريقة "الرجل القبيح" فى مشهد النهاية من فيلم الطيب والسئ والقبيح .
ذات يوم قال لأحد الحراس بهدوء :
ـ لقد ثبتت خيانتك يا فراو بلوندى
وأطلق النار عليه من مسدسه فقتله , ثم خرج الى الردهة يبحث عن حارس آخر وهو يصيح :

     ـــ بلوندى .. بلوندى 



فراو بلوندى الإسم الذى أطلقه هتلر على كلبه (فراو بلوندى)

Friday, October 10, 2014

مصير

نظر متأملا الى الكتب المتراكمة أمامه على سطح المكتب وهو يجلس بجوار المدفئة ثم قال :
ـ خمسون كتابا لى .. ولا أحد يجيد القرآءة فى المدينة , من الغريب أن أشعر بهذا البرد فى فصل الصيف 
وأخذ كتابا من على المكتب ووضعه فى نار المدفئة ثم قال :
تسع وأربعون

Wednesday, October 8, 2014

اهداء

قالت له :
أنا لا أستحق أن تضع اسمى كإهداء على كتاب 
فقال لها :
لهذا السبب سأهديكى الكتاب 
وبعد أن أصدر الكتاب كتب بجوار الإسم فى الإهداء ( لأنك كنت صادقة معى فى بعض أشياء حين كذب على الجميع )

Monday, October 6, 2014

تطبيع

حين كان  للعائلة قضية أنجبت الأم بنتا وولدا , أطلق الأب اسم نضال على الولد واسم جهاد على البنت ,
وحين غارت العائلات الأخرى انجبت نسائها ذكورا واناثا أسموهم أمام الناس بنفس أسماء أبناء العائلة التى لها قضية , وكانوا ينادونهم فى السر بإسم واحد ( تطبيع )

Saturday, October 4, 2014

أعمى يقود بصيرا

حين كثرت السرقات فى ذلك الشارع عينوا حارسا فاقد البصر كى يصرخ ليلا بصوته الجهورى ليستيقظ النائمين
وحين سأل الأهالى :
لماذا ؟!
أجابوا :
لأنه ليس على الأعمى حرج .

Thursday, October 2, 2014

المستحيل

الشاكى :
إن قفا هذا الرجل قد ضرب يدى مما جعل أعضاء جسدى تخاصم يدى وتسخر منها وتستهزء بها
القاضى :
حكمنا بأن تقتص يدك من قفا الضارب فتضربه كما ضربها