نعم يا سيدى أنا من مواطنى دولة ذنوبيا وحاصل على درجة
الدكتوراه فى القانون من هذه الجامعة جامعة ذنوبيا الدولية فى العام الماضى
كانت هذه اجابتى للمدير المسئول عن ملفات الدارسين فى
جامعة ذنوبيا الدولية قبل أن يرد اليه اتصال هاتفى قام على اثره منتبها من على
مقعده وتاركا من بين يديه السجل الرسمى المعتمد للحاصلين على درجة الدكتوراة من
الجامعة والشهادة الرسمية التى كان يشرع فى كتابتها لى والتى تفيد بحصولى على درجة
الدكتوراه من الجامعة وهو يجيب المتصل بصوت مرتعش :
ــ تمام يا أفندم
ــ حاضر
ــ حاضر
ــ علم وينفذ سيادتك
ــ فى رعاية الله ... فى رعاية الله
ثم نظر الى باحتقار شديد ثم استدرك ذلك بابتسامة باهتة
وهو يقول :
ــ اذا سمحت حضرتك تنتظر خمس دقائق .. هناك أمر مهم فقط
سأهتم به وأعود لك على الفور .. اذا سمحت
ثم تناول السجل من على المكتب والشهادة التى يشرع فى
تحريرها لى وخرج من الحجرة بهدوء متصنع
انتظرت فى الحجرة وأنا أتأمل جدرانها وصور زعماء ورؤساء
ذنوبيا المعلقة على الحوائط مدندنا لحن النشيد الوطنى لذنوبيا فى حبور
وبعد برهة من الوقت دخل المدير المسئول متجهم الوجه وهو
ينظر الى بذات نظرة الاحتقار السابقة ماسكا فى يده سجلا آخر وهو يقول :
ــ نعم .. حضرتك عايز ايه
أجبته فى هدوء :
ــ شهادة الدكتوراه التى طلبتها من حضرتك قبل قليل
أجابنى وصوته يرتفع بغضب :
ــ لا حول ولا قوة الا بالله .. أنت طلبت منى شئ .. أنا
أول مرة أراك لو سمحت يا أستاذ هنا محل عمل .. ما الذى تريده
ذهلت فى أول الأمر ثم تماسكت نفسى وأنا أقول :
ــ يبدو أن هناك سوء فهم من جانبى ..أنا اسمى مخيمر
السديد بعر وحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة ذنوبيا الدولية وأريد أن تحرر لى
شهادة بذلك من هذه الجامعة جامعة ذنوبيا
نظر الى المدير المسئول بخبث وحذر متفحصا فى وجهى ثم
أجاب :
ــ حاضر .. لنبحث أولا عن اسمك فى سجل الحاصلين على
الدكتوراه
وفتح السجل الذى دخل به أمامى الى الحجرة وأخذ يبحث وهو
ينظر الى من أسفل عويناته الطبية ثم أجاب :
ــ اسمك غير موجود يا سيد / مخيمر .. تفضل أنظر بنفسك
هتفت بانفعال :
ــ مستحيل .. أنا رأيت الاسم بنفسى قبل أن يرد لك ذلك
الاتصال وتخرج من الغرفة حاملا السجل .. والله الع
قاطعنى قائلا بهدوء :
ــ بدون أن تحلف .. أنت ترى بنفسك هذا هو السجل وليس به
اسمك ويمكنك أن تذهب لرئيس الجامعة أو أى جهة رسمية فى دولة ذنوبيا وحتى الاعلام
.. يا ولدى هذه الأمور تحدث نادرا أينعم .. ولكنها تحدث
ثم أكمل حديثه وهو يبتسم ابتسامة شفقة :
ــ هناك خمسة جائوا قبلك وقالوا نفس كلامك .. الأول ثبت
رسميا أنه مجنون .. والثانى كان شريكا فى مؤامرة على دولة ذنوبيا العظمى ..
والثالث خرج من عندى ولم يعلم أهله أين هو الى الآن والرابع انتحر والعياذ بالله
والخامس ثبت أنه كافر بالله
هل أنت كافر بالله يا ولدى .. استعذ بالله من الشيطان
الرجيم وأقصر الشر
خرجت من الحجرة مسرعا وقد نويت معرفة كنه الأمر .. وذهبت
الى مكتب رئيس الجامعة ولم يختلف الأمر كثيرا الا أنه بعد البحث أمر الحرس الجامعى
بالقائى خارج حرم جامعة ذنوبيا الدولية
بعد أن احتضنت الأسفلت علمت أنه قد تقرر صنع الدنيئة
وأنى لو تنازلت سيبدءون فى استئصال جزء وراء الآخر من حياتى حتى أختار حلا من
الحلول الخمسة التى قالها لى المدير المسئول أو أنى لو لم أتنازل فسآخذ ذنوبيا كعب
داير على كل المصالح ــ وهذا تحديدا المطلوب ــ لكى أكون زعيما لمؤامرة ولا أحصل
على حقى وخلال الطريق أيضا سأخسر حياتى جزءا جزءا حتى أختار حلا من الحلول الخمسة
وتكون ذنوبيا بريئة وطاهرة ونقية من أمثالى من الحشرات
قلت فلأخض أنا قبل أن ينالوا من عشيرتى ان وجدونى
مستسلما فذهبت للمنزل لاخرج شهادة الدكتوراه من الصندوة الحديدى أسفل السرير
وللأسف لم أجد الصندوق بكل محتوياته أسفل السرير فسألت عشيرتى فقالوا لم نر شئ
ومنهم قال لى لا تسكت وهذا حرام وهؤلاء فسده ومنهم من قالت انتبه حتى لاتفقد حياتك
وآخر قال تصرف يا أخى ولا تقعد مكتوف الأيدى وعوض الله عليك وعبارات من قبيل
المواساه أو التحفيز والاستثارة .. وهكذا ذهبت الى السلطات الرسمية
جهة منهم استمعت لشكواى ثم قالت ماذا نفعل لك .. وأخرى
قررت قيد الشكوى ادعاء واقعة لم تثبت صحتها وأخرى قررت تحرير دعاوى ازعاج للسلطات ضدى
وأخيرا منهم من أراد اتهامى بالجنون والغريب فى الأمر أن جميعهم كانت تبدوا عليهم
نظرات التعاطف أو الشفقة بين الناس والمتعاملين معهم كمن يريد أن يريك عظة تمشى فى
الطريق
مما يجعلنى فى أحايين أتمنى أن أخرج لهم صوتا يخرج من
عميق الصدر يستخدمه أبناء الطبقات الدنيا كدليل على الاستنكار ويدعى عندهم لفظة (
الش . رة ) ولكنى كنت ما دائما أستعيذ بالله وأمضى .
خفت الاتصال بوسائل الاعلام المحلية لذنوبيا فى بادئ
الأمر الا أننى عرفت فيما بعد أن وسائل الاعلام المحلية والخارجية فى ذنوبيا أو
خارجها لا يمكن الوصول اليها لأنها تحت سيطرة ادارة الكوكب كوكب (البسطرمة بالبيض
والجبنة الرومى ) وتلك الادارة هى من تضع السياسات العامة لدول الكوكب وقليل جدا
من عاد من تلك الادارة لكى يخبر أبناء الكوكب عما يحدث هناك وظل حيا الى الآن .
بعد جولة الكعب الداير جلست فى مكانى أتابع كغيرى اعلام
ذنوبيا المحلى واعلام كوكب (البسطرمة بالبيض والجبنة الرومى ) متحملا مضايقات كل
من هب ودب والاستفزاز الدائم الذى قد يصل ببعض الأشخاص الى الكفر أو ارتكاب الجرائم
.. الذى كان يغيظنى هو أن كل من كان يقول كلمات المواساة أو التحفيز أو الاستثارة
سواء من قريب أو من بعيد لم أجده بجانبى بالعكس كانوا يمارسون حياتهم بكل سهولة
وسلاسة ويسر .. مرتدين قميصا براقا من المعاناة التى ــ على حد زعمهم ــ كنت سببا
فيها يفتح لهم كل الأبواب المغلقة
وجاء اعلام زنوبيا ليقضى على ما تبقى من أمل .. كانت
سيمفونية عجائبية التأليف :
يظهر فى قناة (السجق المدخن) عم عبده السمكرى القاطن فى
شارع الخرابة الشرقية ويتحدث عن تكنولوجيا النانو وأنه حائز على دكتوراة من جامعة
ذنوبيا الدولية فى نفس موضوع الدكتوراة الخاص بى .
وفى قناة (زغاليلو ياما ) تظهر أم سنية بائعة البرد اللف
فى قرية المساطيل التحتانية .. وهى تتحدث فى السياسات التحتانية واللفيفة للدول
الأعضاء فى كوكب (البسطرمة بالبيض والجبنة الرومى ) وبكل فجاجة تقرر أنها من أوائل
من أخد الزمالة والدكتوراة من ادارة جامعات الكوكب
ثم كانت النكبة حين كنت أشاهد مع بعض الأهل قناة ( صهيل
الصاجات ) ويأتى الأستاذ زعزوع القصب الماسخ القاطن بمركز زلعة العسل المر والذى
كان يعمل طبالا وراء الراقصة زكية نص جنيه العامشة فى الأفراح والموالد ليحدثنا عن
الحسنات الخفية للتبرع والصدقات على المحتاجين والمرضى وذوى الاعاقات وفى فجور غير
معهود من قبل وجدته يقول لمقدمة البرنامج :
هناك حالة انسانية يجب على ذوى القلوب الرحيمة مساعدتها
مصابة بشلل وعجز ادى لحالة من الجنون المؤقت وهو المريض/ مخيمر السديد بعر نرجوا
التبرع لهذه الحالة على حساب 02885776464
ولكم جزيل الشكر
هرعت للمطبخ وأنا ممسك بالمفتاح الانجليزى ومتجها
نحوالتلفاز راغبا فى تحطيمه لولا أن منعنى من كانوا يشاهدون معى زعزوع القصب على
القناة وأحدهم يقول :
ــ اهدأ ودعك من هذه السوداوية التى تمتلئ بها دائما
وهذا الحقد على الناس .. وتعال لنكمل مشاهدة البرنامج
كانت هذه هى القشة التى قصمت ظهر البعير والعنزة التى
أكلت كل الفطير .. نظرت مبهوتا اليه ثم أخذت بعضا من ملابسى وتركت البيت
....
كنت هائما على وجهى فى شوارع ذنوبيا وفنادقها مقتربا من
حافة الورع والدروشة أو حافة الجنون لا أدرى تحديدا كل ما أتذكره أنه قد رن جرس
الهاتف ولم يظهر رقم فرددت وكانت ادارة قناة( صهيل الصاجات)
وقد وردها أتصال يفيد بوجوب التسجيل معى .. فى بداية
الأمر فرحت ثم سألت عن المكان وكيفية الذهاب والموعد المحدد للتسجيل
وبالفعل وصلت للمكان بسهولة وكانت الأمور ميسرة تماما فى
كل شئ ودخلت القاعة رقم 40 المعدة للتصوير وذهلت حين وقع بصرى على ما بداخل القاعة
لحم .. ولحم .. ولحم عارى بكميات كبيرة .. نساء ورجال
عرايا يمارسون الجنس بشبق وشهوة وأصوات عالية وعبارات غريبة وترانيم متتالية
وممنهجة على نحو ما وكانت الكاميرات تصور
قال المسئول عن القاعة مخاطبا اياى :
ــ استعد لتخلع ملابسك وتحفظ نصوص الترانيم .. دورك كدور
من فى القاعة .. أنتم تمارسون طقوسكم اليومية فى الديانة الجديدة
ــ هل فهمت
ولكنى كنت ما أزال ناظرا للقاعة فى ذهول
هزنى المسئول من كتفى فانتبهت ونظرت اليه وأنا أغادر
مكان التصوير قائلا فى تتابع مستمر كشريط تسجيل تعطل وظل يكرر جملة واحدة :
ــ الحمد لله ... أعوذ بالله ... الحمد لله ... أعوذ
بالله ... الحمد لله ... أعوذ بالله ... الحمد لله ... أعوذ بالله ... الحمد لله